الرد على الشبهة:
والأمى إماأن يكون المراد به من لا يعرف القراءة والكتابة أخذًا من " الأمية " ،وإما أن يكون المراد به من ليس من اليهود أخذًا من " الأممية " حسبالمصطلح اليهودى الذى يطلقونه على من ليس من جنسهم.
فإذا تعاملنا معهذه المقولة علمنا أن المراد بها من لا يعرف القراءة والكتابة فليس هذامما يعاب به الرسول ، بل لعله أن يكون تأكيدًا ودليلاً قويًا على أن مانزل عليه من القرآن إنما هو وحى أُوحى إليه من الله لم يقرأه فى كتاب ولمينقله عن أحد ولا تعلمه من غيره. بهذا يكون الاتهام شهادة له لا عليه (.
وقد رد القرآن على هذه المقولة ردًا صريحًا فى قوله:
(وقالواأساطير الأولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا * قل أنزله الذى يعلمالسّر فى السموات والأرض إنه كان غفورًا رحيمًا ) (1).
وحسب النبىالأمى الذى لا يعرف القراءة ولا الكتابة أن يكون الكتاب الذى أنزل عليهمعجزًا لمشركى العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة ؛ بل ومتحديًا أن يأتوابمثله أو حتى بسورة من مثله.
كفاه بهذا دليلاً على صدق رسالته وأن ما جاء به ـ كما قال بعض كبارهم ـ " ليس من سجع الكهان ولا من الشعر ولا من قول البشر ".
أماإذا تعاملنا مع مقولتهم عن محمد(أنه " أُمّى " على معنى أنه من الأمميين ـأى من غير اليهود ـ فما هذا مما يعيبه. بل إنه لشرف له أنه من الأمميين أىأنه من غير اليهود.
ذلك لأن اعتداد اليهود بالتعالى على من عداهم من "الأمميين " واعتبار أنفسهم وحدهم هم الأرقى والأعظم وأنهم هم شعب اللهالمختار ـ كما يزعمون.
كل هذا مما يتنافى تمامًا مع ما جاء به محمد (منالمساواة الكاملة بين بنى البشر رغم اختلاف شعوبهم وألوانهم وألسنتهم علىنحو ما ذكره القرآن ؛ الذى اعتبر اختلاف الأجناس والألوان والألسنة هولمجرد التعارف والتمايز ؛ لكنه ـ أبدًا ـ لا يعطى تميزًا لجنس على جنس ،فليس فى الإسلام ـ كما يزعم اليهود ـ أنهم شعب الله المختار.
ولكنالتمايز والتكريم فى منظور الإسلام ؛ إنما هو بالتقوى والصلاح كما فىالآية الكريمة: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًاوقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) (2).
__________________________________________
المراجع
(1) الفرقان: 5-6.
(2) الحجرات: 13.